إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) .
تفسير آيات الأحكام من سورة النور
56004 مشاهدة
الابتعاد عن أسباب الزنا

...............................................................................


فبكل حال هذه الآية واضحة الدلالة في أن على المسلم أن يكون غيورا على حدود الله -تعالى- وأن يكون غيورا على أهله، زوجاته، وبناته، وأخواته، ومن تحت ولايته، كما أن على المرأة أن تكون أيضا شديدة المراقبة لزوجها، ولأهلها، ولأولادها، وأن تكون مبعدة نفسها عن أسباب الفحش، وعن الأسباب الدافعة إلى هذه المنكرات، وما أشبها، ومن أعظم الأسباب أي: في فعل، وانتشار الفواحش، النظر إلى الصور التي تبث عبر القنوات، والتي ترسلها.. الدشوش، وما أشبهها، فإنها قد أفسدت كثيرا من البيوت؛ وذلك لأن الشباب، والشابات، يقدمون بشغف ما يثير شهواتهم، وما يدفعهم إلى اقتراف هذه الفاحشة.
إذا رأى الرجل الشاب في هذه الشاشة، امرأة متكشفة كشفت عن بطنها، وعن فرجها، وجاء آخر وضمها، وأولج فيها، وهم ينظرون، كيف تكون حالة هؤلاء الذين ينظرون إليها، والحال هذه إذا كان مجرد نظر الرجل إلى وجه امرأة ولو عن غفلة يثير شهوته، فكيف بما إذا رأى الفاحشة عيانا، فرأى هذا الرجل يولج في هذه المرأة، ماذا تكون حالته؟ لا شك أنه لا يتمالك نفسه، أن تثور شهوته؛ ولذلك كثر فعل الفاحشة في البيوت، حتى بين المحارم. عثر كثيرا على الأولاد مع أخواتهم؛ يعني: رجل كان قد أدخل هذا الجهاز في بيته، ففجأة وجدت امرأته ولدها على أخته -والعياذ بالله- يعني بسبب هذه الفاحشة، إذا نظروا إلى هذا -فلا يتمالكون أنفسهم والحكايات عن ذلك في ذلك كثير مشتهرة.
فنقول: إن هذه الفاحشة التي عظم الله -تعالى- شأنها، وأخبر بشدة عقوبتها، وأمر بأن يعاقب الزاني، وألا تأخذكم به رأفة في دين الله، وأن يعاقب بأن تعلن عقوبته، وحدُّه، أمام طائفة من الناس، وكذلك أيضا أن شدد في أن الزانية لا تحل للمسلم عفيف، وإنما يتزوجها زان مثلها، أو من هو مشرك، وأن الزاني لا يحل أن يزوج، أن يزوج بامرأة عفيفة صينة، وإنما يقبله من هو مثله، فالتساهل بهذه المنكرات، وكذلك أيضا الذين يقبله من هم ليسوا بمؤمنين، فإذا كان هذا شأنه.
وكذلك أخبر الله -تعالى- بأنه فاحشة، وأنه ساء سبيلا، ونهى عن قربه، ونهى أيضا عن التوسلات، الوسائل التي تكون قريبة إلى فعله، فكل ذلك دليل على عظم هذا الذنب، وتأثيره أنه يفسد فراش الرجل، وأنه يدخل عليه أولادا من غيره، إذا زنت المرأة فإن زوجها لا يشعر بأنها زنت، فيدخل عليه أولاد ليسوا منه، من الذي يشعر بأن هؤلاء منك، وأنت تعرف أن زوجتك ليست صينة، وأنت تُدخل عليها هذه الأجهزة، التي تفسد الأخلاق، والتي تدعو إلى العهر، وإلى الفساد، لا تأمن أن هؤلاء ليسوا أولادا لك، ومع ذلك أنت تنفق عليهم، وتنسبهم إلى نفسك، وتتكلف بتربيتهم وبتعليمهم، وهم ليسوا من صلبك، بل هم أولاد أجانب بعيدون عنك.
وهكذا أيضا المحذورات الكثيرة التي تترتب على ذلك؛ فلا جرم حرم الله -تعالى- هذه الفاحشة، وشدد في تحريمها، يتجنبها المسلم إذا عرف آثارها السيئة، ويحرص على أن يصون نفسه، وأن يبعد عن أهله، وأولاده، تلك الوسائل التي تكون مسببة، أو مقربة إلى الوقوع في هذه الفواحش والمنكرات -نعوذ بالله من الحرمان- نسأله العفو والغفران، نسأله أن يعصمنا، ويحمينا من المنكرات، صغيرها، وكبيرها، وأن يحمي المسلمين منها، وأن يحفظ عليهم أنفسهم، وأهليه، وزوجاتهم، إنه على كل شيء قدير، والله أعلم، وصلى الله على محمد .